الاثنين، 7 فبراير 2011



حدثني أحد الأصدقاء منذ أسابيع عن أزمة صحية انتابت والده مما أدى ذلك لدخوله للمستشفى لفترة طويلة ، فقد قضى العديد من الأيام وهو طريح الفراش وقد نتج عن ذلك إصابته بمرض الخرف بحسب تشخيص الدكتور المختص ، والخرف هو تدهور مستمر في وظائف الدماغ ينتج عنه اضطراب في القدرات الإدراكية مثل: الذاكرة والاهتداء والتفكير السليم والحكمة. لذلك يفقد كثير من الذين يعانون من الخرف قدرتهم على الاهتمام بأنفسهم ويصبحون بحاجة لرعاية تمريضية كاملة ، فلقد أتضح ذلك عندما قام أحد ابنائه بزيارته للاطمئنان عليه فلقد وجده في حال يرثى لها فكان يصرخ بصوت عالي وينادي عليه قائلاً : " ما جفت حمارة القايلة يا وليدي ؟ توها كانت وراك " ، " حمارة القايلة " عبارة عن أسطورة وخرافة قديمة كان يتداولها الناس في الماضي عبر أحاديثهم وروايتهم الخيالية نوعاً ما .

بعد ثواني من استماعي لهذه القصة " السالفة " أخذت الأحداث تتشابك في بالي لتشيد جسراً يربط بين القصة ومقالتي هذه ، ففي النهاية توصلت لنقطة تقاطع تربط بينهما عند زاوية تمثل حقيقة قد أثبتها قد يكذبها أغلب الأطباء والأشخاص وهي تنص على ( مخطئ ثم مخطئ من يظن أن الخرف محصور فقط على كبار السن بل هو تطاول ليصل ويمس العديد من الفئات العمرية المختلفة ، وخير برهان على ذلك مرض "خرف ادعاء المثالية " الذي انتشرت عدواه بين الصغير قبل الكبير وبين الحسن قبل الشرير .... ) ، فاسمحولي ولو للحظات أن أعيش دور الطبيب وأنصح هذا المريض بالبقاء في سرير خداعه حفاظاً على سلامة الجميع إلى أن يتعافى كلياً ويتخلص من هذا الوباء عن طريق عقاقير الحق والصواب .

هذا المرض الذي يدفع بصاحبه إلى تزييف الحقائق ولربما أحياناً إلى إنكارها واستبدالها بأحداث مختلفة تماماً من أجل مكاسب دنيوية مؤقتة فمنهم مثلاً من يستغله في سبيل تزيين صورته الملوثة بإطار جميل ولكنه هش سهل الكسر فللأسف لقد فقد قدرته الإدراكية والحكمة في أمور حياته ، ومنهم من يستخدمه كوسيلة لإستغفال وخداع الآخرين من أجل تحقيق رغبات أو مصالح شخصية فلربما هذا يذكرني بالساحر الذي يخدع الجمهور عن طريق الألعاب البصرية ، ولكن الإختلاف بين الحالتين أن الساحر يستطيع أن يحقق ذلك لخفة يده أما الآخر فلخفة عقله !!!!!! .

ولكي لا أكون ظالماً وعادلاً مع الجميع ( ادعاء المثالية ) آفة تسبب بها المجتمع قبل أن يتسبب بها الفرد بغض النظر سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر ؛ فلعدم تقبل المجتمع الحقيقة التي ربما يود الجميع أن يصرح بها سبب شعور خوف لدى بعض الأفراد ونتاجه كان ومازال سكوتهم عن ما بأنفسهم وصنع زنزانة فيها لسجن عيوبهم وحقيقتهم لاخفائها عن عيون الناس وتغييرها بشكل خارجي جميل يعكس تماماً عن ما تكنه النفس ، ولست ألتمس العذر لهذا المريض طبعاً ولكني فقط أوضح الأسباب التي قد ساهمت ولو بشكل بسيط لإصابته بهذا المرض ، الخلاصة " الزبدة " أن هناك علاقة طردية بين من يرفضون الحق والحقيقة أين كانت ولا يتقبلونها ويستكرونها ومع الذين يدعون المثالية فكلما زاد طرف ازداد الطرف الآخر .

مهما حاول هؤلاء خداع الناس بحقيقة مزيفة من أجل كسب حبهم أو لتحقيق مآربهم الشخصية ، فأن الله رقيب لهم فللأسف هم الناسين أو المتناسين أن الله إذا أحب عبداً حبب خلقه فيه فمهما وقف ضدك الكثير وكرهك العديد فأن الله إذا أمر أن يتغير كل هذا فإنه يقول كون فيكون ، ما بني على خطأ فهو خطأ " طال الزمان أو قصر " ما بني على غير مرضاة الله لا يمكن أن يصلح مهما طال كسب الفرد منه.

في الختام عذراً لكل الأطباء والأبحاث الطبية والتشخيصات التي لم تستطع إلى الآن كشف الستار عن هذا الوباء الذي بدأ يأكل الأخضر واليابس!! ، ويلتفت كل منا إلى حقيقته وليظهر على طبيعته ولا يخفي شخصيته ولا يعيش في كذبة نافذتها الخداع وبابها النفاق ، يا حسرتي على المثالية فلقد باتت تستغل في أغراض سيئة دنيئة دنيوية ، ولكن يبقى الأمل موجود حتى لو كانت نسبته بسيطة فبإذن الله سوف نغير هذه الجراثيم التي تحشر نفسها في وسط البشرية .... .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق